آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
عبد الباري عطوان
عن الكاتب :
كاتب وصحفي سياسي فلسطيني رئيس تحرير صحيفة رأي اليوم

انتهت المهلة في حلب ولم يخرج المسلحون والأهالي.. فهل ستبدأ المواجهة الكبرى والحاسمة؟


 عبد الباري عطوان ..

نكتب قبل دقائق من انتهاء مهلة العشر ساعات التي أعلنتها روسيا من طرف واحد في مدينة حلب، دون أن يُسجل حتى اللحظة خروج جرحى أو مقاتلين أو مدنيين من الأحياء الشرقية المحاصرة، عبر المعابر الثمانية التي جرى تخصيصها لهذا الغرض.

هناك احتمالان لا ثالث لهما، الأول أن تمدد السلطات الروسية الهدنة لساعات إضافية، أو أن تبدأ القصف الجوي السجادي للاماكن التي يتمركز فيها المسلحون، في محاولة لاستغلال الفراغ السياسي الذي سينجم عن الانتخابات الرئاسية الأمريكية (يوم الأربعاء المقبل)، لحسم مصير المدينة، واستعادتها كليا لسيطرة الدولة السورية وقوات جيشها.

نرجح الاحتمال الثاني، أي عودة القصف، حيث سيجادل الروس بأنهم تجاوبوا مع نداءات الأمم المتحدة، والتزموا بالهدنة التي أعلنت من طرف واحد، أي من طرفهم، وأعطوا المسلحين والجرحى والأهالي الفرصة للمغادرة، ولكنهم رفضوا الاستجابة وعليهم تحمل النتائج.
***
 
وكالة الأنباء السورية الرسمية “سانا” قالت في تقرير لها من حلب إن قوات “جيش الفتح” المرابطة في الأحياء الشرقية منعت المدنيين من المغادرة، واتخذتهم دروعا بشرية.

نشطاء جبهة “فتح الشام” أو “النصرة” سابقا، يؤكدون أن الحديث عن منع الأهالي من مغادرة المدينة غير صحيح، وأن بقاءهم فيها يعود إلى تضامنهم معها، وأن المقاتلين المدافعين عن الأحياء الشرقية سيقاتلون حتى الشهادة، ويرفضون هذه الهدنة جملة وتفصيلا.

الساعات القليلة القادمة ربما ستكون حاسمة، حيث تفيد تقارير إخبارية قادمة من دمشق بأن القوات الحكومية والمسلحين الموالين لها ستشن هجوما سيكون الأقوى والأعنف على أحياء حلب الشرقية مدعومة بغطاء جوي وقصف مكثف للطائرات الروسية، وقد لا يتوقف هذا القصف حتى القضاء على المسلحين المدافعين عنها.

كان واضحا، ومنذ رفض هؤلاء المسلحين عرضا تقدم به استيفان دي ميستورا، المبعوث الدولي قبل أسبوعين بمصاحبتهم بنفسه (أي المسلحين) إلى أماكن آمنة يختارونها خارج المدينة (إدلب أحداها)، أن جبهة “فتح الشام” وحلفاءها اختارت القتال حتى الموت، ورفض الاستسلام لأنها تدرك أن الخروج ليس حلا، وأن القصف الروسي السوري سيطاردهم في أي مكان آخر يلجأون إليه، أو يجتمعون فيه للقضاء عليهم دفعة واحدة.

الغريب أن حلفاء المعارضة السورية في أمريكا وتركيا ودول الخليج يلتزمون الصمت، حتى كتابة هذه السطور على الأقل، وكأن ما سيحدث في الأحياء الشرقية في المدينة من سفك دماء لا يعنيهم مطلقا، وأقصى ما سيفعلونه هو الصراخ عبر شاشات التلفزة، وعبر وسائل التواصل الاجتماعي إدانة للمجازر، ونشر صور الضحايا والدمار، وصب اللعنات على الروس.

حرب تصفية الجماعات “الجهادية” الإسلامية المسلحة في العراق وسورية تصل إلى ذروتها، أو مراحلها النهائية، فالقوات العراقية المدعومة بالبشمرغة الكردية تتقدم في الموصل تحت غطاء جوي أمريكي، والجيش السوري يتقدم في حلب بغطاء جوي روسي، ولا نعتقد مطلقا أن هاتين الحربين المتوازيين يستعران دون تنسيق بين القوتين العظميين، وان تظاهروا علنا بالخلاف.
***
الروس وحلفاؤهم باتوا على أبواب حسم معركة حلب، والأمريكان وحلفاؤهم يهدفون إلى تحقيق الهدف نفسه في الموصل، والخلاف الحقيقي هو عمن يشن الهجوم النهائي للقضاء على “الدولة الإسلامية” في عاصمتها الرقة السورية، هل هي قوات الجيش الديمقراطي الكردي، أم القوات التركية، ولا ذكر مطلقا للعرب، ولا أحد يجيب عن مستقبل السيادة على المدن الثلاث، وكيفية اقتسام الغنائم بين الأتراك والأكراد والأمريكان والروس في نهاية المطاف.

لن نجازف بإصدار أحكام متسرعة على مثل هذه الأسئلة الافتراضية، وكل ما يمكن أن نقوله إن وقف الحروب وسفك الدماء العربية ما زال بعيدا جدا، والذين أوصلوا المنطقة إلى هذا الدمار، ما زالوا يرفلون بالحرير، ويتغنون بالديمقراطية، ويتصرفون وكأنهم لم يرتكبوا أي خطيئة، ولكن إلى حين.

صحيفة رأي اليوم

أضيف بتاريخ :2016/11/05

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد