الموقف المصري كان أغرب مفاجآت مجلس الأمن.. والطلاق مع السعودية بات بائنا
عبد الباري عطوان ..
الصدام الأمريكي الروسي في مجلس الأمن الدولي لم يكن مفاجئا، فقد كان واضحا في ظل الحرب الباردة المتأججة بين القوتين العظميين حول الوضع في سورية أن القرار الفرنسي المدعوم أمريكيا لن يمر لأن “الفيتو” الروسي كان مشهرا منذ اللحظة الأولى، ونظيره الروسي ليس له أي فرصة، ولو ضئيلة، بالمرور لأن أمريكا وحلفاءها الفرنسيين والبريطانيين كانوا جاهزين لإجهاضه.
الجديد اللافت للنظر في معركة مجلس الأمن هذه يمكن تلخيصه في نقطتين رئيسيتين:
• الأولى: القرار المصري بالتصويت على القرارين الروسي والفرنسي معا، الأمر الذي سجل سابقة تاريخية في مجلس الأمن، وإذا كان مندوب مصر لم يرد إغضاب فرنسا بالتصويت لصالح قرارها، فإنه أثار غضب المملكة العربية السعودية، ومندوبها عبد الله المعلمي، وأكد على التقارب المصري المتسارع تجاه الموقفين السوري والروسي.
• الثانية: تأييد الصين بقوة لمشروع القرار الروسي، وامتناعها عن التصويت على مشروع القرار الفرنسي، مما يؤكد أن تحالفها مع روسيا، سواء فيما يتعلق بالوضع في سورية أو غيرها، يزداد ترسخا وقوة.
***
الدعم المصري للقرار الروسي يؤكد مدى تدهور العلاقات المصرية السعودية، ويضيف تأكيدا جديدا في هذا المضمار، فمن الواضح أن السلطات المصرية بدأت تخرج بشكل متسارع من المعسكر الخليجي السعودي، وتقترب أكثر من المعسكر الإيراني الروسي السوري، فبعد اللقاء الذي تم بين السيد سامح شكري، وزير الخارجية المصري، ومحمد جواد ظريف، نظيره الإيراني، في نيويورك على هامش اجتماعات الأمم المتحدة، بادرت الحكومة المصرية إلى إرسال قائم بالأعمال جديد إلى سفارتها في إيران التي تمثلها السفارة السويسرية، وهناك أنباء شبه مؤكدة أن إعادة فتح السفارة المصرية في طهران بات مسألة وقت.
لنترك العلاقات المصرية السعودية جانبا للتركيز على الموضوع الأكثر إلحاحا في الوقت الراهن، وهو الوضع السوري، والسؤال الذي يطرح نفسه في هذا المضمار، هو عن التطورات الميدانية المتوقعة بعد فشل مجلس الأمن، ومشاريع قراراته في إحداث أي تقدم على الصعيد الدبلوماسي، وخاصة التوصل إلى وقف لإطلاق النار.
قصف الطائرات الروسية والسورية لمواقع الفصائل الإسلامية المتشددة، وجبهة “فتح الشام”، النصرة سابقا التي تتزعمها، تواصل بشكل مكثف، وعاد إلى وتيرته الأولى، أي قبل اجتماع مجلس الأمن، وتوازن هذا القصف مع تقدم لافت لقوات الجيش السوري في حلب الشرقية، واستعادة مواقع مهمة بالتالي.
من الواضح أن روسيا التي ترسل المزيد من السفن الحربية، وبطاريات الصواريخ المتطورة من طراز “اس 300″ و”اس 400″ إلى قواعدها في سورية، ماضية قدما في إستراتيجيتها التي تقوم على عمودين أساسيين، الأول: دعم الرئيس بشار الأسد وحكومته، والثاني: القضاء على الجماعات الإسلامية المتشددة، ورفض أي مبادرة أممية أو أمريكية، تنص على فرض حظر جوي في مدينة حلب.
الموقف الروسي ثابت لم يتغير، لكن ما هو معروف حتى الآن هو نظيره الأمريكي، فقبل اجتماع مجلس الأمن الدولي كانت هناك تصريحات منسوبة للمتحدثين الأمريكيين تؤكد أن مجلس الأمن القومي في حالة اجتماعات مكثفة، وأن الرئيس أوباما يدرس البدائل العسكرية في الأزمة السورية.
***
البدائل العسكرية الأمريكية ربما تتلخص في قصف مواقع للجيش السوري، أو ربما محاولة اغتيال الرئيس الأسد، وبعض قياداته العسكرية، وضرب مقرات القيادة، وهذا يعني إشعال فتيل الحرب بين القوتين العظميين لان وزارة الدفاع الروسية أكدت أنها لن تسمح بأي قصف أمريكي لمواقع الجيش السوري، وسترد باستخدام الصواريخ من طراز “اس 300″ المتطورة.
ستيفان دي ميستورا، المبعوث الدولي الذي طالبت المعارضة السورية بطرده من منصبه، لأنه أبدى استعداده لمرافقة مسلحي “جبهة النصرة” إلى خروج آمن من حلب، لابد أنه يعرف ما هو قادم، وأراد حقن الدماء باقتراحه هذا، وربما نكتشف، ومعنا العالم بأسره أن الرجل كان محقا في مبادرته هذه، في ظل تخلي الغرب وحلفاء المعارضة العرب والأتراك عن حلب الشرقية، و200 ألف من سكانها، وتركها وتركهم يواجهون قدرهم وحدهم.
صحيفة رأي اليوم
أضيف بتاريخ :2016/10/10