صواريخ إسرائيلية تقصف مطار المزة لماذا الخوف من دولة تنزف دما ودمارا منذ ست سنوات؟
عبد الباري عطوان ..
القصف الصاروخي الإسرائيلي الذي انطلق من قاعدة في مدينة طبريا المحتلة، واستهدف مخازن أسلحة في مطار المزة العسكري قرب العاصمة دمشق، ليس الأول، ولن يكون الأخير، لكن الجديد والمفاجئ حالة الشماتة التي تسود بعض العواصم العربية ومجنديها في كل مرة يتكرر هذا العدوان وغياب الرد عليه، وكأن هذه العاصمة ليست عاصمة عربية إمبراطورية، وكأن المهاجم ليس عدوا غاصبا محتل لأرض ومقدسات عربية، ومسؤول عن العديد من جرائم الحرب ضد أشقاء عرب ومسلمين.
هذا عدوان على سورية الوطن والتاريخ والحضارة والقيم، والإرثين العربي والإسلامي، وليس هجوما على نظام أو طائفة، فالنظام سيذهب مثل غيره من النظم التي تعاقبت على سورية طوال ثمانية آلاف عام، أما الوطن فباق إلى أبد الآبدين.
***
أن تقصف الطائرات أو الصواريخ الإسرائيلية أهدافا في العمق السوري، وفي مثل هذا التوقيت الذي تواجه فيه البلاد حربا طاحنة، فهذا يعني، ودون أي جدال، أنها تشكل خطرا حقيقيا ووجوديا على دولة الاحتلال الإسرائيلي في الحاضر وفي المستقبل، ومن يقول غير ذلك، وأيا كان موقعه، يغالط الحقيقة، ويقف في خندق العدوان.
أجهزة الإعلام الإسرائيلية نقلت عن مصادرها في المؤسسة العسكرية قولها إن هذا الهجوم استهدف شحنة صواريخ أرض أرض من طراز “فاتح 1″ بالغة الدقة والتصويب، ويصل مداها إلى 300 كيلومتر، بينما يبلغ وزن رأسها الحربي المفجر حوالي 400 كيلوغرام.
لم تكشف هذه الأجهزة ما إذا كانت هذه الصواريخ ذاهبة إلى “حزب الله” أم إلى المستودعات السورية، وهذا ليس مهما على أي حال، فلا فرق بين الاثنين، والمهم أنها ستستخدم حتما لقصف ما بعد العمق الإسرائيلي، ونقصد بذلك مدينة تل الرشراش (ايلات)، ومدينة دايمونا في عمق صحراء النقب، حيث المفاعل النووي الإسرائيلي، وإلا لما استهدفتها الصواريخ الإسرائيلية.
لجوء القيادة العسكرية الإسرائيلية إلى استخدام الصواريخ هذه المرة، ومن طبريا، لقصف مطار المزة التي تعتقد أن الطائرات الإيرانية تستخدمه لايصال شحنات الأسلحة المتقدمة إلى سورية و”حزب الله” معا، يوحي بأنها لم تعد تجرؤ على استخدام طائراتها الحربية، ربما خوفا من اسقاطها من قبل الدفاعات الجوية السورية المزودة بصواريخ “اس 300″ الروسية المتطورة المضادة للطيران.
هيئة أركان الجيش السوري قالت إنها سترد على هذا العدوان، ولم تحدد طبيعة هذا الرد، وأين سيكون، ولكنه آت لا محالة، سواء من الأرض السورية، أو من قواعد “حزب الله”، والمسألة مسألة وقت وتوقيت حتما، فمن كان يتوقع أن تتغير الأحوال ويستعيد الجيش السوري مدينة حلب بعد ست سنوات؟ وأن ينقلب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان على حلفائه في المعارضة السورية وداعميها العرب، ويتحالف مع موسكو، ويوقع اتفاقات ثلاثية معها، ومع الحكومة السورية للتنسيق في الأجواء لمنع أي تصادم بين طائرات الأطراف الثلاثة؟، ومن كان يتصور قبل خمس سنوات أن فصائل في المعارضة المسلحة ستجلس على مائدة التفاوض مع ممثلي الحكومة السورية في جنيف، والآن في الآستانة، وربما غدا في دمشق؟ نرجو التبصر والتريث وعدم التسرع في الأحكام.
***
ختاما نقول للذين يتندرون بتكرار الجملة السورية المعتادة التي تقول بأن الرد السوري سيأتي في الوقت والمكان المناسبين في كل مرة تتعرض العاصمة السورية لعدوان إسرائيلي، هذا ليس وقت السخرية والشماتة والتندر، وربما يفيد التذكير بأن معلقات وقصائد مدح واطراء طويلة قيلت تباهيا واعجابا بالرئيس أردوغان عندما اسقط طائرة سوخوي روسية اخترقت الأجواء التركية لثوان معدودة، فأين الرئيس أردوغان الآن، وفي أي خندق يقف، ومع من يتحالف في سورية، وكيف جاء هذا التحالف، وما هو الثمن الذي دُفع للوصول إليه، وطي صفحة اسقاط الطائرة.
نتمنى أن يأتي الرد على هذه الاهانات الإسرائيلية بسرعة، ومن سورية، طالما أن دولا عديدة اسقطت القضية الفلسطينية من حساباتها، وباتت تعتبر إسرائيل حليفا، أو ليست عدوا على الأقل، ونحن على ثقة أنه سيأتي، ولن يطول انتظارنا، والنصر صبر ساعة.. والأيام بيننا.
صحيفة رأي اليوم
أضيف بتاريخ :2017/01/13