صفقة العشرين مليار دولار هل أخرجت قطر من المصيدة ..
عبد الباري عطوان
بعد الإعلان عن توقيع صفقة بيع الولايات المتحدة الأمريكية 36 طائرة من طراز “اف 15″ إلى دولة قطر في مقر وزارة الدفاع “البنتاغون” أمس، يمكن أن نتوقع انفراجا ملموسا في الأزمة الخليجية، وتراجعا في احتمالات المواجهة العسكرية، لكن رفع الحصار، وإعادة فتح المجالات الجوية قد يحتاج بعض الوقت.
الرئيس دونالد ترامب كان المحرض الرئيسي على إشعال فتيل هذه الأزمة، واستخدم التحالف السعودي الإماراتي البحريني المصري كورقة ضغط على دولة قطر لإرهابها، ودفعها للرضوخ للمطالب الأمريكية في دفع “الجزية” على شكل صفقات أسلحة، واستثمارات في البنى التحتية الأمريكية تماما مثلما فعلت شقيقتها الكبرى السعودية، ولا نعرف ما إذا كان هذا التحالف الرباعي على علم بالنوايا الأمريكية، أم انه جرى توظيفه وهو مفتوح الأعين.
بمجرد توقيع هذه الصفقة، وضمان الإدارة الأمريكية 12 مليار دولار ثمنا للجزء الأول منها، بدأ الحديث يتصاعد عن حدوث انفراج، وتصاعدت وتيرة الوساطات مجددا، وكثر الوسطاء وتعددت جنسياتهم، وباتت قطر على حافة الخروج النهائي من “المصيدة”.
***
كلمة السر هي المليارات التي يطرب لرنينها “التاجر” ترامب، ويعرف كيف ينتزعها بالقوة والتهديد والإرهاب، وخلق الانقسامات والتوترات بين العرب، والخليجيين منهم على وجه الخصوص، ولم يخف الرجل هذه الحقيقة، فقد بشر شعبه الأمريكي بأنه عاد لهم من زيارة الرياض بالمال والوظائف، وقال.. وظائف.. وظائف.. وظائف.
قيمة الصفقة الحقيقية تصل إلى 21.1 مليار دولار، وتشمل 72 طائرة، وقالت شركة بوينغ المنتجة لها “أنها صفقة مهمة جدا للحفاظ على خط إنتاج هذا النوع من الطائرات، وخلق 60 ألف فرصة عمل في 42 ولاية أمريكية”، أي أنه بدونها كان سيتوقف الإنتاج، فشكرا للعرب.
التغريدات التي أطلقها الرئيس ترامب قبل بضعة أيام وقال فيها “أن قطر لها تاريخ حافل بدعم الإرهاب على أعلى المستويات ويجب أن تعاقب”، أو أخرى أكد فيها “أن عزلة قطر هي بداية النهاية للإرهاب”، هذه التغريدات تلاشت كليا، وحلت مكانها أخرى تشيد بدولة قطر كحليف قوي للولايات المتحدة، وتشدد على أن صفقة الطائرات هذه خطوة كبيرة نحو “تعزيز″ التعاون الاستراتيجي والأمني بين البلدين”، أنها قطع شطرنج يحركها اللاعب الأمريكي بمهارة، في التوقيت والاتجاه الذي يريد.
بعد ساعات من توقيع جيمس ماتيس وزير الدفاع الأمريكي هذه الصفقة مع نظيره القطري خالد العطية صدرت الأوامر لسفينتين حربيتين أمريكيتين بالتوجه إلى ميناء حمد جنوب الدوحة في إشارة تؤكد أن أمريكا لن تتخلى عن دولة قطر، وعلى الآخرين فتح سرادق العزاء، واستقبال المعزين.
***
إنها مسرحية جرى إعداد فصولها في البيت الأبيض، وتم توزيع الأدوار على الممثلين أثناء قمم الرياض الأخيرة في حضور البطل الرئيسي دونالد ترامب مع الحرص على حضور أكبر عدد من الكومبارس من 56 دولة عربية وإسلامية كشهود زور.
قطر لم تعد دولة داعمة للإرهاب في الوقت الراهن على الأقل، وحتى تبدأ عملية تطبيق قانون “جستا”، ومحاكمة الدول الراعية للإرهاب، وتعويض الضحايا، وقطعا ستكون قطر وخصومها من بينهم، وسيجد الجميع أنفسهم في قفص الاتهام، وسيواجهون أحكاما بالدفع مئات، وربما آلاف المليارات كتعويضات.
إنها مسرحية من عدة فصول، وما زلنا في بداية أحداث الفصل الأول فقط، والضحايا هم العرب، سواء كانوا بين الجمهور، أو في أدوار ثانوية على خشبة المسرح.
هنيئا للرئيس ترامب والشعب الأمريكي بكل هذه المليارات، وكل هذه الوظائف ولا عزاء للأغبياء.
صحيفة رأي اليوم
أضيف بتاريخ :2017/06/16