معرض دمشق الدولي..مشاركة عشر دول عربية صفعة للجامعة وقرارها تجميد عضوية سورية
عبد الباري عطوان
انطلاق فعاليات معرض دمشق الدولي يوم أمس الخميس، بمشاركة 43 دولة عربية وأجنبية على رأسها روسيا والصين وإيران وفنزويلا والعراق والهند، وشركات تمثل 20 دولة قطعت علاقاتها مع سورية، بينها فرنسا وبريطانيا وألمانيا، فهذا مؤشر هام على حدوث تغيير كبير في المناخات الثقافية والاقتصادية إلى جانب السياسية أيضا، وانحسار الخوف والقلق، وقرب الحرب من نهايتها.
التغيير الذي نقصده هنا هو تسارع عملية التعافي الاقتصادي والثقافي في سورية بعد سبع سنوات عجاف من الحروب والمواجهات، ألقت بظلال قاتمة السواد على الحياة في هذا البلد العربي، الذي كان وسيظل مصدر إشعاع وتنوير في المنطقة العربية، وحوض البحر المتوسط.
كان لافتا، بالنسبة إلينا على الأقل، مشاركة عدة دول عربية، مثل مصر، وسلطنة عمان، وفلسطين، ولبنان، والسودان، واليمن، والإمارات العربية المتحدة، والأردن، الجزائر، والبحرين، أي نصف الدول الأعضاء في جامعة الدول العربية التي جمدت عضوية سورية فيها.
*
السيدة بثينة شعبان، مستشارة الرئيس السوري، قالت في مقابلة على قناة “الميادين” إن عودة المعرض الدولي والإقبال الملحوظ عليه يدلان على أن الحرب على سورية انتهت، وأنه مثلما دحرت سورية الإرهاب ستحارب أي وجود غير شرعي على أراضيها وستهزمه، ولكن السيدة شعبان اعترفت في المقابلة نفسها “أن سورية لم تنتصر كليا، والنصر يعني المزيد من التضحيات”.
قليلون هم الذين توقعوا قبل خمس أو ست سنوات تدفق الآلاف من السوريين إلى معرض دمشق الدولي، بل إلى العاصمة نفسها، مما يعني أن مشروع إسقاط النظام وتفكيك الدولة في سورية مني بفشل كبير، فالحدس الشعبي من النادر أن يخطئ، ومن حق الأشقاء السوريين أن يفرحوا ويحتفلوا.
سورية تقترب بسرعة من الاستقرار، ومن مرحلة إعادة الإعمار، ووجود أكثر من 1500 رجل أعمال كضيوف على المعرض يوحي بالكثير، فرجال الإعمال الذين يمثلون رؤوس الأموال، لا يذهبون إلى دولة مثل سورية من أجل التمتع بشمسها وهوائها العليل، وإنما بحثا عن فرص استثمار، وصفقات إعمارية يحققون من ورائها أرباحا طائلة، فكل خطواتهم محسوبة، وأنوفهم الأكثر قدرة على شم رائحة العملات والصكوك.
اليوم تشارك عشر دول تقريبا في معرض دمشق الدولي، والعام المقبل سيرتفع العدد حتما، لأن سورية ستخطو خطوات أطول على طريق التعافي، فإذا كان معارضي الحكومة بدأوا يشدون الرحال إلى دمشق، ويتحدثون عن مؤامرات التقسيم والتفتيت، بينما ينخرط البعض الآخر في البحث عن وساطة تمهد له طريق العودة إلى أحضانها، فإن هذا يعني تحولا كبيرا ومتسارعا في المشهد السوري يبدد كل سحب التشاؤم، ويؤكد على عودة سورية إلى مكانها الطبيعي الريادي والقيادي.
قلناها في هذا المكان، ولا نتردد مطلقا في تكرارها، وهي أن الشعب السوري يملك إرادة جبارة، وكفاءات عالية، وإمكانية وخبرات غير مسبوقة، تؤهله كلها، لإعادة بناء بلاده وفي أقصر مدة ممكنة، وبأقل التكاليف، وهب هذا غريب عليه، وهو الذي أعاد بناء الكثير من الدول، وأنعش اقتصادياتها؟
*
سياسي مغربي كبير التقيته أثناء رحلتي الأخيرة إلى طنجة، وبمحض الصدفة، قال لي أنت تكتب كثيرا عن القانون الأمريكي لمحاكمة الدول الراعية للإرهاب، وإصدار أحكام، وبفرض تعويضات مالية عليها لضحايا إرهابها من الأمركيين، ألم يحن الوقت لتطالب بـ”جستا” عربية، لمحاكمة الدول العربية التي تورطت، مع سبق الإصرار والترصد، في حرب التدمير والقتل في سورية، ودفعها تعويضات للشعب السوري عن كل ما لحق به من خراب ودمار وقتل؟
وعدت هذا السياسي المغربي أن أكتب عن الـ “جستا” العربية، وها أنا أوفي بالوعد، وآمل أن يقرأ هذه المقالة.
صحيفة رأي اليوم
أضيف بتاريخ :2017/08/19