ما يجري في الساحات اللبنانية هل له علاقة بما يجري في الإقليم؟
عمر عبد القادر غندور
لم يكن مطلوباً أن ينجح رئيس الجمهورية في مخاطبة جمهور الحراك المطلبي رغم تأييده وضرورة توحيد الساحات والعمل على استعادة ثقة الناس بالدولة، وقد لعب الإعلام «النشيط» دوره في هذا الاتجاه! ولا من ارتياب أبداً انّ هبّة الحراك الشعبي كانت وما زالت عرضة للاستغلال وسرقتها لحسابات ولمصلحة «مفسدين» دهريين بعضهم يختبئ وراء حجاب المطالب المحقة، وبعضهم يراقب ويحاول ان يضمن لنفسه دوراً وازناً! ومخطئ من يظن انّ الاطراف المعنية بالتشكيل والتأليف او بالعكس، مسترخية ولا تأبه بكلّ ما يجري!
والصحيح انها ناشطة جداً عبر الحشد وإطلاق الشعارات والدواليب المشتعلة وقطع الطرقات مجدداً لتأكيد أوزانها أو لتعزيز أوراقها عند المباشرة بجلجلة التأليف ولا نراه قريباً على الأقلّ في الوقت الحاضر!
هذه الصورة السوريالية الظلامية ولا نقول ضبابية، تنذر بما هو أسوأ في ضوء انسداد أفق المعالجة، ولا نرى نضجاً في تفكير «الثوار» لجهة تحديد الأولويات الإجرائية لآليات التغيير، واللبنانيون جميعاً مع التغيير الجذري والاجتثاث للطبقة الموبوءة الحاكمة، وكيف السبيل إلى المباشرة وعبر مفاوضين وممثلين لم نعرفهم بعد! وبالتالي هل نكتفي بالتظاهر والتواجد في الساحات وإقفال المدارس وتعطيل مصالح الناس وتقطيع التواصل بين المدن عبر الانزلاق إلى قطع الطرق وهي «لعبة خطرة» ظاهرها التضييق على الناس ومحاصرتهم دون استثناء وبينهم معدمون لا يملكون قوت يومهم ومرضى ومحتاجون إلى دواء وعلاج وغير ذلك من متطلبات الحياة!
إذا أردنا التغيير حقاً لاجتثاث الفساد وعائلته والدولة اللاطائفية واستعادة المال المنهوب ومحاسبة الحرامية وعائلاتهم وأعوانهم من وزراء ونواب وموظفين ومتعاونين، لا بدّ من آليات دستورية وخارطة طريق وقضاء، وعندما يعلن الجميع بمن فيهم الفاسدون وغير الفاسدين من مسؤولين وغير مسؤولين أنهم مع مطالب الحراك جملة وتفصيلاً فلماذا لا ننتقل الى الإجراءات الميدانية عبر الآليات التي يجري الاتفاق عليها ونباشر في ترجمة المطالب ونراقب تنفيذها ومتابعتها والعودة بالبلد إلى حياته الطبيعية إلا إذا كان المطلوب التوغل في الفراغ وصولاً إلى الفوضى وأن «يفلت الملق» ويتقاتل اللبنانيون وقد أجمعوا على تبنّي مطالب الحراك من أقصى الجنوب الى أقصى الشمال؟
ام انّ ما يجري عندنا من ضمن ما يجري في الإقليم…؟
جريدة البناء اللبنانية
أضيف بتاريخ :2019/11/05