آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
محمد اليامي
عن الكاتب :
كاتب سعودي

صباح الحرف («رسوم الطرق»)


محمد اليامي ..

في الشأن المحلي السعودي المرتبط بالتنمية تبرز قضية النقل كواحدة من محددات المستقبل، ومن الاختبارات التي تخوضها أمانات المدن الرئيسة مع تنامي عدد السكان، واختناق الشوارع، وهو الاختناق الذي تأمل الحكومة، ومعها الناس أن تتم حلحلته مع أول مراحل مشاريع النقل العام التي يجري تنفيذ أكبرها في الرياض العاصمة، وهو قطع شوطاً يقارب الثلث وفقاً لتصريحات رسمية.

ويبدو أن هيئة تطوير الرياض وبالتنسيق مع الأمانة تفكر في فرض رسوم على بعض الطرق عند اكتمال مشروع النقل العام بشقيه، «المترو» والحافلات، ونشرت تسريبات صحافية محلياً عنوانها كلمة «قد»، بمعنى أنها قد تكون وسيلة لجعل الناس تستخدم النقل العام، وقد تكون وسيلة لنشر ثقافة الرسوم، واستخدامها في مزيد من المشاريع، وجعلها استحقاقاً للمواطن في مزيد من المساءلة والحقوق.

ويبدو أن السعودية وضمن مشروعها للتحول الاقتصادي، وهو أحد ملامح التحول الوطني ستفرض المزيد من الرسوم، وربما انضمت في بعض القطاعات إلى الكويت وبعض الدول العربية في رفع بعض الرسوم على غير المواطنين، وهي بذلك تؤسس لثقافة جديدة حول العلاقة بين المواطن والحكومة، الحكومة التنفيذية تحديداً، أو تلك التي تضم الجهات المعنية بمعيشة وحياة و«سعادة» الناس، وهي جميعها وزارات يشكل وزراؤها أعضاء في مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية.

إن التوجه العام في ما يبدو هو تقليص ما يسميه المراقبون «الرعوية»، وهو أمر حسن وسيصاحبه مزيد من إشراك المواطنين في الشأن العام الداخلي، ليس فقط عن طريق مجلس الشورى، أو المجالس البلدية، بل أيضاً عن طريق ممارسة المواطن الحق الأخلاقي في ضبط ووضع ومراقبة السياسات المتعلقة بشؤون حياته، استناداً إلى أنه سيصبح وبمرور الزمن أحد مصادر الأموال أو أحد مصادر الدخل.

سيأخذ ذلك وقتاً ليس بالقصير، وجهداً ليس باليسير للوصول إلى قناعات وممارسات تشبه إلى حد ما ممارسات علاقة دافع الضرائب في العالم المتقدم بالجهات الحكومية، وهنا نعرف أن الحديث عن البلديات والأمانات في المقام الأول، وفي مستويات أخرى أعمق مع التعليم والصحة والإسكان والنقل والبيئة والثقافة.

لا يعجب الناس في أي مكان في الدنيا أن يدفعوا شيئاً للحكومة، ولكن التطبيقات العملية والصارمة التي نتجت عن تراكم حضاري وثقافي، وإصلاح في الممارسة مع الزمن، كلها نجحت في خلق المزيد من الرفاه للناس، وفي خلق المزيد من النزاهة والإتقان في العمل والتنفيذ، وتطوير التنفيذ بسبب إعطاء من يدفع الحق في المساءلة وصولاً إلى حتى محاكمة الجهة أو المسؤول عنها، كما أنها ترسخ مع الزمن العدالة بين المستفيدين من أية خدمة أو قطاع، طالما أنهم متساوون في «الدفع».

سنشهد مخاضاً وتجارب في السعودية سيظهر نضج التجربة على بعضها، وربما سيكون من نصيب بعضها الآخر التجريب والمحاولة، لكننا في النهاية نؤمن برغبة القيادة في التغيير والتطوير، وبرغبتها في تحقيق قوة أكبر للبلاد عبر الاستثمار في المواطن.

لن يمانع الغالبية في دفع رسوم لطريق حيوي في الرياض، طالما استطاعوا مقاضاة الأمانة أو هيئة تطوير الرياض عندما يتسبب أي تلف في الطريق في إتلاف ممتلكاتهم، وعندما يكون متاحاً التنقل ببدائل أسعارها معقولة وخدماتها ممتازة.
 
صحيفة الحياة

أضيف بتاريخ :2016/04/16

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد